Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

ذكرى رحيل الحاج عبد الله المطرود

لا عَاصِمٌ يُنجي ولا اسْتِعْصَامُ … طُوِيَ الكِتَابُ وجَفَّتِ الأَقلامُ

والمجدُ لو يَفْدِي الرفيعَ من الرَدى … لَتَعَاهَدَتْكَ بِحِفْظِهَا الأَيَّامُ

لَكِنَّهُ حُكمُ الإِلَهِ وسُنَّةٌ … لا يستطيعُ دِفاعَها الآنَـــامُ

كلٌ على حوضِ المنيةِ وارِدٌ … لَنْ يَبْقَ إِلا وَجْهُهُ العَلاَّمُ

والناسُ أبناءِ الصَنيعِ جميعهم … الفَدُ يَعلو والخَمُولُ يَنَامُ

هَلْ يَسْتَوِي سَقْطُ المَتَاعِ بِجَوهَرٍ …  فَرْدٍ تَدَانَتْ دُونَهُ الأَعْلامُ

قد زاحَمَ الدنيا وأرْخى صَعْبَهَا … وتَفَرَّقَتْ مِنْ حَولِهِ الأَخْصَامُ

هي قصةُ المجدِ التي لا تنتهي أَخَوَانِ … وكتابُها التاريخُ والأعـوامُ

في دَرْبِ النِضَــــــالِ تعاهــــــــــــدا … يَحْدوهُمَا التصميمُ والإقْدامُ

وتَنَكَبا وَعْرَ الطريقِ فما وَنــَـى … خَطْوٌ وما دَاخَلْهُما اسْتِسْلامُ

وتتابع الخطوُ المجيدُ وأثمرتْ … تلكَ الجهودِ ودانتِ الأيامُ

حتى غذى ( المطرود ) اسماً يحتدا … في كل أرجاء البلاد يُرَامُ

أسمٌ علا بالجِدِ دونَ هوادةٍ … وتناقلتْهُ الصُحْفُ والأقلامُ

ومضى الشقيقُ مُخَلِّفاً آثارَهُ … وبقيتَ وحدَكَ أيها المُقْدَامُ

مَنْ كان يَسْنِدُ ظهره قَيْدُ الثرى … ذهب العضيد وجَارَتْ الأعوامُ

فردٌ يصولُ وحسرةٌ في قلبهِ … وعيونُهُ لأخيهِ حيثُ ينـــــام

هو أمةٌ نهضت وكم مِنْ ماجدٍ … حُرٍ سمــــا ســــادَتْ بــــهِ أقوامُ

يستنهض الهَمَمَ الجِسَامَ وحولَهُ … هُوْجُ الرياحِ يقودُهَا الإِرْغَــــامُ

فمضى ولم يَعْطي الخنوعِ ذَرِيْعَةً … تَـثْنِيهِ أو تَعْصِــفْ بــــه الأوهــــامُ

حتى بنى للخير صرحاً شامخاً … يرتـــــــاده المحرومُ والأيتامُ

وغذى اسْمُهُ علماً يُشَارُ لمجدِهِ … وعليه من حرم الخلود وسام

لله كَمْ لَكَ مِنْ صفاتٍ تُـقْـتَـدى … كلُ المكارمِ أنـــت فيهــــا إمــــامُ

قلبٌ نقِيٌ سِيرَةٌ وسَرِيرَةُ … والنَـفْـسُ فيها طِيبَةٌ و وِئَامَ

وصلاحُ دينٍ في اسْتِقامةِ خُطْوَةٍ … فهو التَـقِيُّ العابدُ الصَّوَامُ

والوجه من نور المحبة مشرق … يزهــــو عليه البشْرُ والإِنْعَامُ

لا يعرفُ الكَدَرَ المُهينَ ولا يُرَى … إلا ويُشْرِقُ ثغْرُهُ الْبَسَّامُ

يُـثْـنِى الوسادَةَ للجليسِ تَوَاضُعاً … ما صَدَّهُ ضَجَرُ ولا اسْتِفْهَامُ

وصِلاتُهُ ما خَصَّصَتْ في بَذلِها … فكأنَـه يــومَ الصـلاتِ غَمامُ

رَوَّى سِبَاحَ الأرضِ جَنْبَ خَصيبها … وأسْتَأثَرَ الداني بها والعَامُ

هو للصغيرَ أبوةٌ ورِعايةٌ … وتَحَنُّنٌ وتَعَطَُّفٌ وغَرَامُ

هو للكبيرِ أُخُوةٌ ومَوَدَةٌ … وتواضعٌ وتَنَاصِحٌ ووِئَــــــامُ

هــــو للقريبِ أوَاصِرٌ مَشدُودَةٌ … وتَرَاحُمٌ تقضي بها الأرْحامُ

هو للبعيدِ وَجَاهَةٌ مبذولَةٌ … اللهِ لا مَنٌ ولا إحْجَامُ

هو للفقيرِ يَدُ العطاءِ كريمةٌ … هو للأراملِ مَسْنَدٌ وعَصَامُ

هو للبلادِ عضيدُها ونَصَيرُها … هو للعقيدةِ حارِسٌ وزِمَامُ

بكَتِ الأراملُ يومَ فَقْدِكَ وَانْحَنَى وعلى … ظَهْرُ الفقيرِ وضَجَّتِ الأيتامُ

المآذنِ طَارَ ذِكـْــــرُكَ عالياً … وعلى المنابرِ لوعــــةٌ وخِـتَــــامُ

والناسُ في كُلِ البقَاعِ تَوَجَّهَتْ … لَكَ بالدعاءَ وكلُها اسْتِرْحَامُ

تَنْعَى فقِيداً قَلَّ فِي نُظَرَائِهِ … ومُبَجَلاً إِنْ غَابَ غَابَ سَنَامُ

(أأبا محمد) كان يوُمك موكِباً … للعزِ يَسْرِي والفِخَارُ يُقَامُ

ثكُلَتْكَ في يومِ الرزيةِ أُمَةٌ … وبكــــى عليــك المجد والإِقْدَامُ

تلكَ الحشودِ مَشَاعرٌ قَدْ تَرْجَمَتْ … في زَحْفِها ما ضَاقَ عَنْهُ كلام

مِنْ كِلِ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ كأنما … ضَاق الوَسِيعُ وغَصْتِ الأَجَامُ

في كُل قلبٍ حُرْقَةٍ وتَوَجُعٍ … وعلى الوجــــوهِ كَـآبَــــة وقَـتَـــامُ

زَفَّتْكَ أمواجُ الحشودِ وفوقَها … حُمِلَ الندى والجودُ والإِكْرَامُ

من جَانِبَي النعشِ مُدَتْ أَدْرُعٌ … تَبْغِي الوصولَ وكُلُها آلامُ

وتمايَلَ النعشُ الكريمُ كأنَّهُ … يَزْهُو ورَاكِبَهُ التُـقَى الْـقَّـوَامُ

يَخْتَالُ ما بينَ الجموعِ مُيَمِماً … وعلى الجَوَانِبِ عَالَمٌ وزِحَامُ

عَجَباً لَهُ ما اخْضَوْضَرَتْ أَعْوَادُهُ … وعليه مِنْ حُلَلِ الندى هِنْدَامُ

هَذي أياديكَ الكريمةُ أَثْمَرَتْ … حُبّاً صَريحاً في القلوبِ يُقامُ

ومَآثرٌ ومواقِفٌ لَكَ جَلْجَلَتْ … ما حَالَ عنها حاجِزٌ ولِثامُ

أأبا الوَقاَرِ فَدَتْكَ كُلُ حَشَاشَةٍ … سُكِبَتْ عليك وهَزَّهَا اسْتِعْظَامُ

وأبا الوفاءِ المُحِض لا تَرْجُو لَهُ وأبا … رَدّاً وأنتَ الصَائِمُ القَوَّامُ

التواضعِ زَادَ قَدْرَكَ رِفْعَةً … فكأنَّما تَعْلو بكَ الآرَامُ

وأبو المُرُوءَةِ والعُلا مَا شَدَّهُ … نَحْوَ السَفَاسِفِ والصِغَارِ مَـــرِامُ

وأبا الإخوة ما عَرَفْتَ نَقيضَها … فَسَلِمْتَ يومَ تَصَارَعَ الأَخْصَامُ

وأبا المساجدِ عابدٌ ومُعمِرٌ … مِنْ بَعدِ فَقْدِكَ نَالَهَا اسْتِهْظَامُ

وأبا المواقِفِ صَعْبهَا وعَصِيها … وخِتَامُها في راحتيكَ سَلامُ

(أأبا محمد) والنفوسُ معادِنٌ … مِنْ جَوهَرٍ يَبقى ويُرْمى الخَامُ

ومِنَ الجواهرِ ما تَجودُ بـهِ الثـرى … ونَقِيُها مَا تُولِدُ الأَرْحَامُ

لِله دَرُكَ جَوهرٌ وبرُوحِهِ … تَزْكو الصِفَاتُ وتَصْدِقُ الأَحْكَامُ

ولأَنْتَ رَمْزٌ للعطاءِ إِذا كَبَا … دَهْرٌ وعَضَّ بنابـهِ الإِحْجَامُ

إن غابَ شَخْصُكَ فالقلوبُ مَحَلَّهُ ومآثِرٌ … دَارَتْ عليهِ أكْبُدُ وعِظَامُ

تُعْطيكَ عُمْراً خَالِداً … إِنَّ المــآثِرَ لَلْـكـــــــــرامِ دَوامُ

ولَكَ امْتِدَادٌ في بَنِيكَ فَإِنَّما … الأشبال مـــن قـــد خلّـــف الضرغام

أبْنَاءُ فِعْلِ لا تَلينُ قَنَاتُهم … وبسَاعَةِ الْعُسْرِ الكبيرِ كِرَامُ

صلى عليكَ اللهُ يا رَمْزَ الْعَطا … وأَظَلَ لَحْدَكَ سَاحِبٌ وغَمَامُ

وأَحَالَ قَبْرَكَ رَوضَةً مِنْ جَنّةٍ … تَهوِي إليها رَحْمَةٌ وسَلامُ

محمد جعفر نتيف ١٤٢٦/٦/١٦