تمكين المرأة: رؤية الحاج عبد الله قبل عصرها
تفرّد الحاج عبد الله سلمان المطرود برؤية سبقت عصرها في تمكين المرأة، فكان أول من وضع برامج متكاملة لتأهيل الكوادر النسائية في الثمانينات، لتتمكن من إدارة وتشغيل “بيت الطفولة السعيدة” باحترافية، في وقت لم تكن مشاركة المرأة في العمل التربوي المؤسسي مألوفة.
ومع مرور الوقت، أسهم في تأسيس مركز نسائي شامل عام 1412هـ، قدّم برامج نوعية في الخياطة والتدبير والحاسب واللغة الإنجليزية والمهارات الإدارية والتأهيل الوظيفي، ليصبح منصة حقيقية لصقل قدرات سيدات سيهات ومساعدتهن على بناء مسارات مهنية ناجحة.
لقد كان حضور المرأة في مشاريع الحاج جزءًا أصيلاً من مشروعه التنموي، حيث احتضن محاولات النساء الأولى بالثقة والتشجيع، وجعل تمكينهن أولوية في خدمة المجتمع، فكانت خطواته رائدة ومُلهمة، وما زالت آثارها حاضرة في مسيرة التنمية الاجتماعية بالمنطقة.
. الحاج عبد الله المطرود كما رأته نساء المجتمع:
كانت منى ناجي المسكين تروي أن فكرة اللجنة النسائية حين بدأت في نهاية الثمانينات لم تكن ناضجة تمامًا، لكن الحاج كان يؤمن إيمانًا عميقًا بأن للمرأة دورًا لا يقل أهمية عن دور الرجل، وأن العمل الاجتماعي لا يمكن أن يكتمل دون صوتها.
-في المجلس الذي كان يجمعه بالسيدات المؤسِّسات، ومن بينهن: منى الشافعي وعروبة النصر
وُلدت أولى ملامح المركز النسائي، لتبدأ النساء في سيهات مسيرة جديدة تعتمد على الوعي والتنظيم والانفتاح على المجتمع.
-أسهم في دعم الطفولة والتعليم المبكر، حيث شهدت سيدات الجيل مثل: فخرية النصر، وداد البيات وزهراء الكابه
أن افتتاح أول روضة للأطفال في الجمعية كان خطوة غير مسبوقة في المنطقة. ورأى أن كل طفل، وخصوصًا طفل الأسر المحتاجة، يجب ألا يُترك خارج أسوار التعليم، وكان يتابع تسجيل الأطفال بنفسه ويصر على احتوائهم داخل الروضة.
-تحكي فخرية النصر أنه كان يقول لهن باستمرار: “لا نترك أي طفل في الشارع”، بينما تؤكد وداد البيات أنه كان: يتابع التغذية، النظافة، الصحة ويجلب الأدوية بنفسه عند الحاجة.
-تروي زهراء الكابه حضوره المستمر داخل الروضة وحرصه على أن تكون بيئة دافئة، مليئة بالحب وفيها انضباط يساعد الطفل على النمو بثقة.
-لم يقتصر الدعم على هذا فقط، بل امتد إلى تمكين النساء مهنيًا، ولهذا واصلت مريم عبد الجليل الرميح تعليم الخياطة والتفصيل لمئات السيدات بدعم مباشر من الجمعية. وكان هذا جزءًا من رؤية الحاج التي ترى في مهارات المرأة بابًا لتحسين حياتها وأُسرتها.
-في مرحلة لاحقة، تولت فخرية النصر إدارة دار الأمهات، وهو المشروع الذي أتاح فرص التعليم لنساء لم يستطعن الالتحاق بالدراسة النظامية، وشمل: فصولًا دراسية، ورشًا مهنية. وكان الحاج يرى أن “المعرفة حق للجميع” وأن العجز عن دفع رسوم الدورات لا يجب أن يمنع امرأة من التعلم.
-كانت الأسرة والثقافة ركيزة أساسية أيضًا، فقد بدأت عروبة النصر ومنى الشافعي بإطلاق محاضرات: تربوية، ثقافية وعن المراهقة وتربية الأبناء.
-امتلأت القاعات بالمحاضرات بدعم منه وتشجيعه المستمر للتفاعل والمشاركة النسائية. وفي الأنشطة الصيفية، تروي فاطمة المحسن، أن الحاج كان يتابع تفاصيل النادي الصيفي للفتيات الذي يعتبر أول نادٍ متكامل للفتيات في المنطقة الشرقية وفرصة لبناء الوعي وتنمية المهارات
-امتد دوره إلى الإصلاح الأسري، فقد عملت زهراء آل خليفة في لجنة الإصلاح ذات البين 15 عامًا وكانت تؤكد أن حضور الحاج أبويًا، قريبًا ويساعد في احتواء الخلافات بحكمة، أما آمنة آل يوسف فكانت تذكر أنه دعم الأسر المحتاجة، الأيتام، ورش الأسر المنتجة، الدورات المهنية وبرامج التقوية للطلاب
-كان يرى دائمًا أن المجتمع لا يقوم إلا بالتكافل، وأن دور النساء أصيل ومُكَمِّل لمسيرة البناء وقادر على صناعة التغيير.
وفي مجموع هذه الشهادات، يظهر الحاج عبد الله المطرود بصورة واحدة لا تختلف من رواية لأخرى: قائد أبوي، قريب من الناس، مُلهِم للنساء، مؤمن بدورهن، ومتابع للتفاصيل الدقيقة في كل مشروع يمسّ الأسرة أو الطفل أو التعليم. لم يكن دعمه شكليًا، ولا حضورًا بروتوكوليًا، بل كان التزامًا يوميًا يشهده العاملون والعاملات، ويتركون شهاداتهم عنه إلى يومنا هذا.

