Skip to content Skip to footer

علامة الريادة الصناعية

شكّل مصنع الألبان الوطني إحدى أهم المحطات في مسيرة الحاج الاقتصادية، وانتقاله من مشروعات الخدمات المحدودة إلى مشروعٍ صناعي ذي أثرٍ واسع على مستوى المنطقة الشرقية والمملكة عمومًا. فقد جاء تأسيس المصنع في مدينة الخبر في ستينيات القرن الميلادي الماضي، حتى عُدّ المصنع من أوائل مصانع الألبان في المملكة.

انطلق المصنع برؤية واضحة تقوم على إنتاج الحليب الطازج ومشتقاته وتوفيرها للأسواق المحلية بجودة وسعر مناسبان. حتى انطلقت العربات المتجوّلة تحمل منتجات المصنع وتجوب أحياء المنطقة الشرقية منذ منتصف الستينيات، في مشهد يلخّص باكورة حضور الصناعة الوطنية في الحياة اليومية للناس.

ومع توسّع النشاط وترسّخ خبرة المجموعة، انتقل مبنى المصنع ومنشآته في مرحلة لاحقة إلى مدينة سيهات، حيث نشأت منظومة أوسع تحت مسمّى مصنع الألبان الوطني والمخابز الوطنية “المطرود، لتصبح سيهات ليس فقط موطن صاحب المشروع، بل أيضًا حاضنةً لإحدى أهم منشآته الصناعية.

هذا الانتقال منح المدينة بعدًا اقتصاديًّا إضافيًّا؛ إذ أسهم المصنع في توفير فرص عمل لأبنائها وأبناء القرى المجاورة، وربط اسم سيهات بصناعة غذائية معروفة على مستوى المنطقة والمملكة العربية السعودية.

لم يكن أثر المصنع مقتصرًا على سيهات وحدها؛ فشبكة التوزيع التي شملت المنطقة الشرقية ومدن المملكة العربية السعودية جعلت من منتجات الألبان الوطنية جزءًا من الحياة اليومية لشرائح واسعة من السكان، في زمنٍ كانت فيه الخيارات الغذائية المعبّأة محدودة نسبيًّا. وبذلك أسهم المشروع في تعزيز حضور الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات، وأصبح مثالًا مبكرًا على قدرة المبادرات الفردية العائلية على بناء صناعة غذائية مستدامة.

في ضوء ذلك، يمكن النظر إلى مصنع الألبان الوطني بوصفه أكثر من مشروع تجاري ناجح؛ فهو تجسيد لتحوّل في فكر الحاج عبد الله المطرود من العمل اليومي البسيط إلى المشروع الصناعي المنظم، ومن الخدمة المحدودة في نطاق مدينة واحدة إلى منتجٍ يصل أثره إلى مدنٍ عدّة في المملكة، ويشارك في صناعة ذاكرةٍ اقتصادية واجتماعية لشخصه ولمدينته سيهات على حدٍّ سواء.