من عامل مغسلة إلى رائد مشروع حديث
شكّل قطاع المغاسل المحطة الأولى في التحوّل المهني للحاج عبد الله بن سلمان ابن أحمد المطرود. فبعد أن أُصيبت عيناه بمرض في سنوات الغوص الأولى، لم يجد أمامه إلا عملًا متاحًا في مغسلة ملابس إلى مقربة من شركة الزيت الجديدة في الظهران. هناك، عمل لساعات طويلة تمتد من ست عشرة إلى عشرين ساعة يوميًا، بلا إجازة أسبوعية، مقابل أجرٍ زهيد.
في السنة الخامسة من عمله، طلب إجازة ليوم واحد يزور فيه أسرته في سيهات، فقوبل طلبه بالطرد من العمل. لم تكن تلك النهاية، بل كانت نقطة تحوّل. فقد وجد أحد الأصدقاء في إصرار عبد الله فرصة لمساندته، فخصّص له جزءًا من مطبخه ليحوّله إلى مغسلة صغيرة، على أن يكون لصاحب المنزل نصيبٌ من الدخل اليومي. هكذا انتقل المطرود من موقع «العامل المأجور» إلى موقع «صاحب العمل»، ولو في مساحة متواضعة وبإمكانات بسيطة.
من تلك البداية المحدودة، تبلورت فكرة مشروع أكبر وأكثر تنظيمًا. ومع توأم روحه أخيه الحاج إبراهيم، أسّس «المغسلة الوطنية» بوصفها أول مغسلة حديثة أوتوماتيكية في المنطقة الشرقية، بطاقة تشغيل كبيرة، وقدّمت خدماتها لشركة أرامكو والمستشفيات والمطاعم والمساكن، واستوعبت عددًا من الشباب الباحثين عن عمل.
لم تكن «المغسلة الوطنية» مجرد مشروع تجاري ناجح؛ بل كانت مدرسة عملية شكّلت جزءًا من وعي الحاج عبد الله الاقتصادي والاجتماعي. فمن خلال هذا المشروع تعزّزت قناعته بأهمية خلق فرص عمل للشباب، وبأن التجارة يمكن أن تكون وسيلة لخدمة المجتمع، لا مجرد وسيلة للربح. وهي القناعة ذاتها التي سوف تتكرر وتتوسع لاحقًا في مشاريعه الأخرى، والمبادرات الخيرية.

